خاشقجي… جثة تبحث عن عدالة”
مقتل هزّ الضمير العالمي وكشف وجه السلطة في القرن 21
صوت لا يُحتمل
في الثاني من أكتوبر 2018، دخل الصحفي السعودي جمال خاشقجي مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول، ولم يخرج منه أبدًا. ما بدأ كزيارة روتينية لاستخراج أوراق زواج، تحوّل إلى جريمة قتل ممنهجة داخل منشأة دبلوماسية، هزت العالم، وفضحت جانبًا مظلمًا من أجهزة الحكم في المملكة العربية السعودية.
داخل القنصلية… وخارج القانون
وفقًا للتحقيقات التركية، دخل فريق مكوّن من 15 عنصرًا سعوديًا إلى إسطنبول قبل ساعات من اختفاء خاشقجي، من بينهم ضباط استخبارات وأطباء شرعيين.
أجهزة الاستخبارات التركية نشرت لاحقًا تسجيلات صوتية مسربة تُظهر أن خاشقجي قُتل خنقًا ثم تم تقطيع جسده بمنشار. قيل إن العملية استغرقت أقل من 10 دقائق… داخل قنصلية رسمية لدولة ذات سيادة.
صدمة عالمية… وصمت رسمي
بينما نفت الرياض تورطها في البداية، اضطرت لاحقًا للاعتراف بأن خاشقجي “قُتل داخل القنصلية”، لكنها وصفت الأمر بأنه “عملية مارقة”.
هذا التبرير لم يُقنع أحدًا، خاصة بعد تقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA الذي أشار إلى أن العملية نُفذت بأمر مباشر من ولي العهد محمد بن سلمان، أو على الأقل بموافقته الضمنية.
ردود الفعل الدولية: العالم يغلي
- ألمانيا وكندا وأعضاء في الاتحاد الأوروبي علّقوا صفقات تسليح مع السعودية.
- الكونغرس الأمريكي أصدر قوانين لتقييد الدعم العسكري.
- شخصيات إعلامية وحقوقية طالبت بمحاكمة المتورطين أمام محكمة دولية.
لكن، رغم هذه الضغوط، لم يُحاسب المسؤولون الحقيقيون. اكتفت السعودية بمحاكمات مغلقة انتهت بإعدام متهمين مجهولين الهوية تقريبًا، في محاولة لحفظ ماء الوجه.
الإعلام السعودي… بين الإنكار والتشويه
في ذروة الفضيحة، نشرت وسائل الإعلام السعودية تقارير تشكك في “ولاء خاشقجي” واصفة إياه بـ”العميل”، فيما كانت الصحف العالمية تعتبره رمزًا للصحافة الحرة والمستقلة.
الفارق بين الروايتين كشف الهوة الشاسعة بين إعلام موجه وآخر حر.
تحليل سياسي:
“جريمة خاشقجي لم تكن جريمة قتل فقط… بل كانت اختبارًا لقوة الأنظمة ضد الكلمة، ومؤشرًا على مدى الإفلات من العقاب عندما تكون السلطة فوق القانون.”
ــ محلل دولي في معهد كارنيغي للسلام
خاتمة:
جمال خاشقجي قُتل لأنه تجرأ على أن يكتب.
قُتل لأنه انتقد، وحلم بإصلاح.
وحتى الآن، لا قبر له.
ولا عدالة حقيقية لذكراه.
لكن دمه أضاء طريقًا جديدًا لوعي عالمي لا يقبل أن تسحق الكلمات تحت أحذية السلطة.