اتفاقيات إيفيان (1962): الوثيقة التي أنهت 132 عامًا من الاستعمار الفرنسي للجزائر
الجزائر – 18 مارس 1962
شهد يوم 18 مارس 1962 حدثًا مفصليًا في تاريخ الجزائر الحديث: توقيع “اتفاقيات إيفيان” بين الحكومة الفرنسية والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، في مدينة إيفيان لي بان الفرنسية. هذه الاتفاقيات وضعت حدًا لحرب التحرير الجزائرية التي استمرت قرابة ثماني سنوات (1954-1962) وأرست الأسس القانونية والسياسية لاستقلال الجزائر.
خلفية المفاوضات
مع تصاعد العمليات المسلحة لجيش التحرير الوطني وازدياد الضغط الدولي على فرنسا، دخل الطرفان في مفاوضات سرية ثم علنية. بدأت اللقاءات التحضيرية عام 1961 في لوسان ثم إيفيان، وانتهت بتوقيع الاتفاق النهائي في 18 مارس 1962.
أبرز بنود اتفاقيات إيفيان
- وقف إطلاق النار:
- سريان وقف إطلاق النار اعتبارًا من 19 مارس 1962، وإنهاء العمليات العسكرية من الطرفين.
- تحديد مصير الجزائر:
- تنظيم استفتاء شعبي لتقرير المصير، حيث يختار الشعب الجزائري بين الاستقلال أو البقاء في إطار الجمهورية الفرنسية.
- نصّت الاتفاقية على أن الاستقلال هو الخيار الذي ستعترف به فرنسا فور تصويت الأغلبية لصالحه.
- ضمانات للأوروبيين في الجزائر (الأقدام السوداء):
- منح حرية الإقامة والعمل والمحافظة على ممتلكاتهم لمدة ثلاث سنوات، مع إمكانية الاحتفاظ بالجنسية الفرنسية أو اختيار الجنسية الجزائرية.
- الحقوق الثقافية واللغوية:
- الاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية للدولة الجزائرية الجديدة، مع الحفاظ على اللغة الفرنسية كلغة ثانية لفترة انتقالية.
- التعاون الاقتصادي والعسكري:
- السماح لفرنسا بالاحتفاظ ببعض القواعد العسكرية لفترة مؤقتة، وأبرزها قاعدة مرسى الكبير البحرية لمدة 15 عامًا.
- استمرار التعاون في مجالات النفط والغاز والموارد الطبيعية.
- العفو العام:
- إصدار عفو شامل عن جميع المعتقلين السياسيين والمجاهدين والمتعاونين مع فرنسا، ضمن إطار إنهاء النزاع وفتح مرحلة جديدة.
النتائج المباشرة
- في الأول من يوليو 1962، أُجري الاستفتاء الشعبي، وصوّت أكثر من 99% من الجزائريين لصالح الاستقلال.
- في 5 يوليو 1962، أعلنت الجزائر رسميًا استقلالها، منهية 132 عامًا من الاستعمار الفرنسي.
الأهمية التاريخية
اتفاقيات إيفيان لم تكن مجرد وثيقة سياسية، بل كانت شهادة على نضال شعب بأكمله، ودليلًا على أن حركات التحرر الوطني يمكن أن تُجبر القوى الاستعمارية على الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها.