الرئيسية / قصص وعبر / أشهر الخيانات السياسية في التاريخ الحديث

أشهر الخيانات السياسية في التاريخ الحديث

أشهر الخيانات السياسية في التاريخ الحديث

في عالم السياسة، لا وجود للثوابت. فالمصالح تتغير، والتحالفات تنهار، والعهود تُكسر عند أول مفترق طرق. وفي خضم هذا الواقع القاسي، تبقى الخيانات السياسية من أكثر المشاهد تأثيرًا وإثارة للجدل في التاريخ الحديث، حيث انقلبت دول على حلفائها، وتخلّت عن شركائها، وباعت وعودها بأبخس الأثمان.

نستعرض أبرز الخيانات السياسية التي غيّرت مجرى الأحداث، وخلفت وراءها دماءً، دمارًا، وندمًا سياسيًا يصعب نسيانه.


1. وعد بلفور (1917): خيانة بريطانيا للعرب

في خضم الحرب العالمية الأولى، تعهدت بريطانيا للعرب – عبر مراسلات حسين–مكماهون – بدعم استقلالهم إذا ثاروا على العثمانيين. وبالفعل، قدّم العرب الدعم العسكري والسياسي. لكن بريطانيا غدرت لاحقًا، وأصدرت وعد بلفور الذي تعهدت فيه لليهود بإقامة وطن قومي في فلسطين.

هذه الخيانة شكلت حجر الأساس لنزاع دموي مستمر حتى يومنا هذا.


2. معاهدة مولوتوف–ريبنتروب (1939): خيانة الاتحاد السوفييتي لأوروبا

بينما كانت أوروبا تستعد لمواجهة هتلر، قام الاتحاد السوفييتي بتوقيع اتفاق سري مع ألمانيا النازية، يقضي بتقاسم بولندا ودول البلطيق. هذا الاتفاق شكل صدمة هائلة، وأدى إلى غزو بولندا وتقسيمها، ما أشعل الحرب العالمية الثانية رسميًا.

لاحقًا، غدر هتلر بالاتحاد السوفييتي نفسه، في خيانة متبادلة سجلها التاريخ بدماء الملايين.


3. حكومة فيشي الفرنسية (1940): خيانة من الداخل

عقب سقوط فرنسا في يد الألمان، ظهرت حكومة فيشي المتعاونة مع النازيين، والتي سلّمت اليهود الفرنسيين للألمان، وخانت المقاومة الفرنسية لصالح المحتل. هذه الخيانة من الداخل ستبقى واحدة من أحلك صفحات التاريخ الفرنسي الحديث.


4. تخلّي الولايات المتحدة عن الأكراد (2019)

رغم دعمهم لها في قتال تنظيم داعش، تخلّت الولايات المتحدة عن قوات قسد الكردية في شمال شرق سوريا، وانسحبت فجأة، تاركة المجال مفتوحًا أمام اجتياح تركي دموي للمنطقة. هذا الموقف الأمريكي وُصف بـ”الطعنة في الظهر”، وأثار انتقادات داخلية وخارجية واسعة.


5. انقلاب تركيا على التفاهمات الدولية (شمال سوريا)

دخلت تركيا في تفاهمات مع روسيا وأمريكا حول تجميد الصراع في شمال سوريا، لكنها خرقتها بشن هجمات مفاجئة ضد القوات الكردية، رغم الهدن المعلنة. وُصفت هذه التصرفات بـ”غدر سياسي ممنهج” يقوّض أي حلول دبلوماسية في المنطقة.


6. خيانة شاه إيران للمنطقة قبل الثورة (1979)

قبل سقوطه، كان محمد رضا بهلوي (شاه إيران) حليفًا للغرب وإسرائيل، رغم أنه يحكم دولة مسلمة شيعية كبرى. قدّم تسهيلات استخباراتية واقتصادية لتل أبيب، في تجاهل تام لقضية فلسطين ومشاعر الشعوب الإسلامية. هذه “الخيانة الجيوسياسية” ساهمت في سقوط نظامه لاحقًا.


7. الولايات المتحدة وأزمة خليج الخنازير (1961): خيانة الحلفاء المحليين

دعمت أمريكا مجموعة من المنفيين الكوبيين للإطاحة بنظام كاسترو، لكن حين بدأت العملية، تراجعت واشنطن عن دعمهم الجوي، وتركوا لوحدهم على الشاطئ. انتهت العملية بفشل ذريع ومجزرة، وخسرت أمريكا مصداقيتها لدى المعارضين في أميركا اللاتينية.


8. غدر فرنسا بالثوار الجزائريين

خلال الثورة الجزائرية، عقدت فرنسا عدة مفاوضات مع زعماء من جبهة التحرير الوطني، لكنها قامت باختطاف الوفد الجزائري كاملاً سنة 1956 أثناء توجهه للمفاوضات في المغرب. هذا التصرف عُدّ خيانة سافرة، وأدى إلى تصعيد العنف وتوسيع رقعة الحرب.


9. اتفاق كامب ديفيد: خيانة القضية الفلسطينية؟

رغم أنه يعتبر “سلامًا”، يرى كثيرون أن اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل سنة 1978، جاء على حساب القضية الفلسطينية. فبينما نالت مصر أراضيها، لم تحصل فلسطين على أي ضمانات حقيقية، وتم استبعادها فعليًا من المفاوضات.


10. سقوط بغداد (2003): خيانة الداخل والخارج

مع اجتياح العراق من قِبل القوات الأمريكية، انهار الجيش العراقي بطريقة صادمة، وتبيّن لاحقًا وجود تنسيق سري وخيانات داخلية على مستوى القيادة العليا، ما سهّل الاحتلال وفتح أبواب الفوضى والانهيار.


الخلاصة:

السياسة ليست ميدانًا للأخلاق بقدر ما هي ساحة مفتوحة للمصالح، لكن تبقى الخيانات السياسية وصمة لا تُمحى، تدفع ثمنها الشعوب غالبًا، لا الأنظمة. وفي كل مرة تتكرر فيها الخيانة، تتكرر معها الدروس… ولكن قلّ من يتعلّم.

التحالفات تتغيّر… ولكن ثقة الشعوب لا تُسترد بسهولة.