أشرف مروان: الجاسوس الذي أربك إسرائيل… خائن أم بطل قومي؟
■ مقدمة:
أشرف مروان، رجل غامض احتلّ مكانًا حساسًا في قلب الدولة المصرية خلال فترة من أخطر فتراتها، ثم أصبح محط جدل عالمي بعد أن اتُّهِم بأنه عمل لصالح الموساد الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه، اعتبره البعض أعظم عميل مزدوج خدم مصر.
قصة مروان هي مزيج من السياسة، الحرب، الجاسوسية، والخيانة أو البطولة — لا أحد يعرف الحقيقة كاملة… وربما لن يعرفها أحد.
■ من هو أشرف مروان؟
- الاسم الكامل: أشرف مروان سيد أحمد
- تاريخ الميلاد: 1944 – مصر
- العائلة: زوج منى عبد الناصر، ابنة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر
- التعليم: حصل على شهادة في الكيمياء، ثم درجة الدكتوراه من بريطانيا.
- الوظيفة: مستشار سياسي للرئيس المصري أنور السادات، وأحد أبرز رجال الاتصال الخارجي لمصر في السبعينيات.
■ الصعود إلى دوائر السلطة:
ارتبط أشرف مروان بالسلطة عبر زواجه من ابنة عبد الناصر، مما أدخله قصر الرئاسة وعالم النخبة السياسية.
ورغم أنه كان موضع شك من الرئيس عبد الناصر، إلا أن نفوذه زاد بعد تولي أنور السادات الحكم، حيث أصبح أحد أقرب مستشاريه.
كان يُعرف بذكائه، أناقته، إتقانه للغات، وحضوره الملفت في اللقاءات الدولية.
■ العلاقة مع الموساد الإسرائيلي:
تدّعي عدة مصادر إسرائيلية (منها كتاب “الملاك – The Angel”) أن مروان اتصل بالموساد طواعية في أواخر الستينيات، وأصبح أحد أهم مصادرهم داخل النظام المصري.
المعلومات التي يُقال إنه زوّدهم بها:
- موعد حرب أكتوبر 1973
- تحركات الجيش المصري
- خطة الخداع الاستراتيجي
وبحسب الروايات الإسرائيلية، كان الاسم الكودي له داخل الموساد: “الملاك – The Angel”
■ هل كان عميلًا مزدوجًا؟
هنا تبدأ المعضلة التاريخية:
رغم أن إسرائيل تعتبره أحد أهم جواسيسها، فإن بعض الباحثين المصريين والغربيين يرون أن مروان كان في الحقيقة:
“عميلًا مزدوجًا زرعته المخابرات المصرية”
وأن معلوماته كانت تهدف إلى تضليل إسرائيل وتحقيق عنصر المفاجأة في حرب أكتوبر.
دعم هذه الفرضية:
- رغم أن مروان أخبر الموساد بموعد الحرب، إلا أن المعلومات كانت مضللة جزئيًا، وجعلت إسرائيل تؤمن أن مصر لن تهاجم.
- رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير تأخرت في إصدار أمر التعبئة، بسبب عدم اليقين.
■ بعد الحرب: الصمت والغموض
بعد نصر أكتوبر، اختفى مروان تدريجيًا من الحياة السياسية، وركّز على أعماله التجارية.
عاش في لندن حياة مترفة، واستثمر في مجالات السلاح والبترول، وكان يحظى بعلاقات نافذة مع رجال أعمال وساسة عرب وغربيين.
■ وفاته الغامضة في لندن:
- تاريخ الوفاة: 27 يونيو 2007
- المكان: شقته الفاخرة في شارع “كارلتون هاوس تيراس”، لندن
- السبب: سقط من شرفة بالطابق الخامس
تفاصيل مثيرة:
- لم يتم التأكد إن كانت عملية انتحار، أم حادثًا، أم اغتيالًا.
- أصابع الاتهام وجهت إلى:
- الموساد (لإغلاق الملف)
- أجهزة عربية
- أو حتى جماعات ضغط دولية
تقرير الشرطة البريطانية:
“لا دليل قاطع على وجود طرف ثالث… الوفاة غير مفسرة.”
■ الجدل السياسي بعد وفاته:
- في إسرائيل: ظل يُكرَّم باعتباره “الجاسوس المثالي”، لكن دون اعتراف رسمي.
- في مصر: التزمت الدولة الصمت، ولم تعترف به يومًا كعميل مزدوج.
- بعض العسكريين المصريين الكبار، مثل اللواء سامي شرف، ألمحوا إلى أن مروان كان يعمل لصالح مصر، وتم التضحية به بعد أن تم كشفه.
■ التناول السينمائي والإعلامي:
في عام 2018، أصدرت شبكة Netflix فيلمًا بعنوان “The Angel”، مأخوذ عن كتاب الصحفي الإسرائيلي “أوري بار جوزيف”.
الفيلم قدّم مروان كجاسوس إسرائيلي أنقذ إسرائيل من هزيمة ساحقة… وهو طرح أثار غضب المصريين والنقاد العرب الذين وصفوا الفيلم بـ”المضلل والموجّه سياسيًا”.
■ الخلاصة:
قصة أشرف مروان ستظل من أكثر الملفات غموضًا في عالم الجاسوسية.
هل باع أسرار وطنه؟ أم خدمه من وراء الخطوط؟
هل خدع إسرائيل؟ أم ضلل مصر؟
الوثائق الحقيقية – إن وُجدت – ما تزال مخفية، وربما ستُكشف بعد عقود.
لكن المؤكد أنه كان رجلًا غير عادي… أدّى أدوارًا خطيرة في فترة تاريخية حرجة، ومات في ظروف تجعلنا نتساءل:
“هل هناك سر لم يمت بعد؟”
📚 المصادر:
- “The Angel: The Egyptian Spy Who Saved Israel” – Uri Bar-Joseph
- وثائق ومقالات BBC – ملف أشرف مروان
- تحقيقات الصحافة المصرية (الأهرام، اليوم السابع)
- كتابات اللواء سامي شرف وعمرو الليثي
- تقارير شرطة لندن 2007