دِيدُوشْ مُرَاد
ولد دِيدُوشْ مُرَاد اَلْمُلَقَّبِ بِسِي عَبْدَ اَلْقَادِرْ في يَوْمُ 13 يُولْيُو 1927 بَالْمِرَادِيَّة بِالْعَاصِمَةِ ،
وَهُوَ اَلِابْنُ اَلْأَصْغَرُ لِعَائِلَةٍ تَتَكَوَّنُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ بِالْإِضَافَةِ إِلَى اَلْأُمِّ ،
كان ديدوش مراد مُقَاوِمٌ وَطَنِيٌّ جَزَائِرِيٌّ ، وَأَحَدَ اَلْمُؤَسِّسِينَ اَلسِّتَّةِ لِجَبْهَةِ اَلتَّحْرِيرِ اَلْوَطَنِيِّ ( FLN ) فِي عَامِ 1954 وَمُقَاتِلٌ فِي حَرْبِ اَلِاسْتِقْلَالِ ( 1954 – 1962 ) ،
نَشْأَتُهُ
زَاوَلَ دِيدُوشْ دِرَاسَتُهُ اَلِابْتِدَائِيَّةُ بِالْعَاصِمَةِ ، اَلَّتِي تَحْصُلُ فِيهَا سَنَةُ 1939 عَلَى اَلشَّهَادَةِ اَلِابْتِدَائِيَّةِ ،
لِيَنْتَقِل بَعْدَهَا إِلَى اَلْمَدْرَسَةِ اَلتِّقْنِيَّةِ بِالْعَنَاصِرِ ، حَيْثُ دَرَسَ إِلَى غَايَةِ سَنَةِ 1942 ،
يُقَرِّرُ اَلِانْتِقَالُ إِلَى قسَنْطِينَة لِمُوَاصَلَةِ دِرَاسَتِهِ فِيهَا ، هُنَاكَ تُوُفِّيَ وَالِدُهُ وَكَانَ عُمْرُهُ لَا يَتَجَاوَزُ 23 سَنَةٍ .
وَ مُنْذُ صِغَرِهِ كَانَ يَمْقُتُ اَلِاسْتِعْمَارُ وُلِدَتْ لَدَيْهِ اَلرَّغْبَةُ فِي اَلثَّأْرِ لِأَبْنَاءِ شَعْبِهِ حَيْثُ اِنْضَمَّ مُنْذُ 1942 إِلَى صُفُوفِ حِزْبِ اَلشَّعْبِ
وَهُوَ لَمْ يَبْلُغْ سِنُّ 16 .
وَفِي تِلْكَ اَلْفَتْرَةِ بَدَأَ مُرَادٌ يَتَعَاطَى اَلسِّيَاسَةَ مَعَ بَعْضِ زُمَلَائِهِ فِي خَلَايَا حِزْبِ اَلشَّعْبِ اَلْجَزَائِرِيِّ بِقسنطينة ،
وَكَانَ ذَلِكَ جَلِيًّا فِي رِسَالَةٍ بَعَثَهَا لِأُسْرَتِهِ وَاَلَّتِي أَثَارَتْ دَهْشَةَ شَقِيقِهِ عَبْدَ اَلرَّحْمَنْ اَلَّذِي قَالَ :
لَقَدْ بَعَثْنَاهُ لِيَدْرُس فَلِمَاذَا يَتَعَاطَى اَلسِّيَاسَةَ ؟
فَأَجَابَتْهُ اَلْأُمُّ بِحَنَانٍ : هُوَ قُدْرَةٌ بَعْدُ سَنَتَيْنِ عَيَّنَ كَمَسْؤُولٍ عَلَى أَحْيَاءٍ اَلْمَرَادْيَّة ، اَلْمَدَنِيَّةَ ، وَبِئْر مُرَادْ رَايِسْ .
وَفِي 1946 أَنْشَأَ فِرْقَةَ اَلْكَشَّافَةِ ” اَلْأَمَلُ “
كَمَا أَنْشَأَ بِدَوْرِهِ اَلْفِرْقَةَ اَلرِّيَاضِيَّةَ اَلسَّرِيعَ اَلرِّيَاضِيَّ لِلْجَزَائِرِ ” وَفِي 1947 نظم اَلِانْتِخَابَاتِ اَلْبَلَدِيَّةِ بِنَاحِيَتِهِ ،
وَكَانَ دِيدُوشْ مِنْ أَبْرَزِ أَعْضَاءِ اَلْمُنَظَّمَةِ اَلْخَاصَّةِ ، كَمَا تَنتْقُلُ لِتَنْظِيمِ اَلْحَمْلَةِ اَلِانْتِخَابِيَّةِ لِلْجَمْعِيَّةِ اَلْجَزَائِرِيَّةِ فِي اَلْغَرْبِ اَلْجَزَائِرِيِّ
أَيْنَ أُلْقِي عَلَيْهِ اَلْقَبْضُ إِلَّا أَنَّهُ اِسْتَطَاعَ اَلْفِرَارُ مِنْ مَجْلِسِ اَلْقَضَاءِ ، وَبَعْدُ فَشَلِ اَلْإِدَارَةِ اَلِاسْتِعْمَارِيَّةِ وَضْعَ يَدِهَا عَلَى اَلشَّهِيدِ أَصْدَرَتْ فِي حَقِّهِ حُكْمًا
غِيَابِيًّا ب 10 سَنَوَاتٍ سَجْنًا ،
وَلَكِنْ وَرَغْم كُلِّ اَلْمُضَايَقَاتِ اَلَّتِي مَارَسَهَا اَلِاسْتِعْمَارُ ضِدَّهُ إِلَّا أَنَّهَا بَاءَتْ بِالْفَشَلِ ، بِحَيْثُ كَوَّنَ فِي 1952 رُفْقَةِ بْنْ بُولْعِيدْ نَوَاةً سِرِّيَّةً فِي اَلْعَاصِمَةِ
مُهِمَّتَهَا صُنْعَ اَلْمُتَفَجِّرَاتِ لِتَحْضِيرِ اِنْدِلَاعِ اَلثَّوْرَةِ ،
بِدَايَةَ نَشَاطِهِ اَلسِّيَاسِيِّ
وَ يَلْتَحِقُ مُرَادٌ فِي سَنَةَ 1944 بِمُؤَسَّسَةِ اَلسِّكَكِ اَلْحَدِيدِيَّةِ بِالْعَاصِمَةِ بَعْدَ حُصُولِهِ عَلَى شَهَادَةِ اَلْأَهْلِيَّةِ ،
وَذَلِكَ كَمُوَظَّفٍ فِي إِحْدَى مَحَطَّاتِ اَلْقِطَارِ بِالْعَاصِمَةِ ، .
وَبَعْدُ شُهُورٍ قَلَائِلَ ، أَشْرَفَ مَعَ نُخْبَةٍ مِنْ شَبَابِ اَلْحَرَكَةِ اَلْوَطَنِيَّةِ عَلَى مُظَاهَرَاتِ اَلْأَوَّلَ مِنْ شَهْرِ مَايُو 1945 بِالْعَاصِمَةِ ،
ثُمَّ يَنْضَمُّ إِلَى حِزْبِ اَلشَّعْبِ اَلْجَزَائِرِيِّ وَحَرَكَةُ اِنْتِصَارِ اَلْحُرِّيَّاتِ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ بِصِفَةٍ دَائِمَةٍ
وَيُغَادِرُ بِذَلِكَ مُؤَسَّسَةَ اَلسِّكَكِ اَلْحَدِيدِيَّةِ فِي مُنْتَصَفِ سَنَةِ 1945 .
مِنْ هَذَا اَلتَّارِيخِ إِلَى غَايَةِ سَنَةِ 1948 نَشِطٍ اَلشَّهِيدِ فِي عِدَّةِ جَوَانِبَ بَدْءًا بِالنَّشَاطِ اَلْكَشْفِيِّ ، حَيْثُ أَسَّسَ سَنَةَ 1946 فِرْقَةٍ لِلْكَشَّافَةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ اَلْجَزَائِرِيَّةِ ، وَسَنَةٌ مِنْ بَعْدِهَا أَنْشَأَ نَادِيًا رِيَاضِيًّا اَلرَّاسِينْغْاَلرِّيَاضِيَّ اَلْإِسْلَامِيَّ اَلْجَزَائِرِيَّ لِمُخْتَلِفِ اَلرِّيَاضَاتِ ،
سُمِّيَ رَامَا RAMA وَاَلَّذِي كَانَ لَاعِبًا فِيهِ ،
بِالْإِضَافَةِ إِلَى كَوْنِهِ اَلْمُشْرِفَ عَلَيْهِ مَادِّيًّا ، تَنْظِيمِيًّا ،
ثُمَّ جَمَّدَ نَشَاطُهُ بَعْدَمَا قَرَّرَ اَلْحِزْبُ إِرْسَالَهُ إِلَى قسنطينة ،
حَيْثُ عَيَّنَ كَمَسْئُولٍ لِلْحِزْبِ عَلَى مُسْتَوَى قسنطينة سَنَةَ 1948ثُمَّ اِنْضَمَّ إِلَى اَلْمُنَظَّمَةِ اَلْمُسَلَّحَةِ
وَقَدْ اِشْتَهَرَ آنَذَاكَ بِاسْمِ القصير لِقَصْرِ قَامَتِهِ ( 1.68 م تَقْرِيبًا ) وَهُوَ اَلِاسْمُ اَلَّذِي ظَلَّ أَوْلَادُ اَلْحَيِّ وَكُلِّ مِنْ عَرَفَهُ فِي تِلْكَ اَلْفَتْرَةِ يُنَادُونَهُ بِهِ
حَتَّى مِنْ اَلْمَيْدَانِ اَلنِّضَالِيِّ وَالسِّيَاسِيِّ .
مَكَثَ اَلشَّهِيدُ فِي قسنطينة طِيلَةِ سَنَتَيْنِ نَشِط خِلَالَهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ اَلْقُرَى وَالْمِدَاشْرْ اَلْمُحِيطَةَ بِقسنطينة
وَخَاصَّةً قَرْيَةً اَلسَّمْنِدُو وَقَرْيَةُ بِيزُو اَلَّتِي تَحْمِلُ اِسْمَهُ اَلْيَوْمِ إِلَى غَايَةِ اِلْتِحَاقِهِ بِجِبَالِ اَلْأُورَاسْ رُفْقَةَ نُخْبَةٍ مِنْ شَبَابِ اَلْحَرَكَةِ اَلْوَطَنِيَّةِ لِأَسْبَابٍ أَمْنِيَّةٍ ،
لِيَتَدَرَّب هُنَاكَ عَلَى اَلرَّمْيِ بِالسِّلَاحِ وَيُصْبِحُ مَاهِرًا فِيهِ .
الانتقال الى فرنسا
فِي عَامِ 1952 قَرَّرَ اَلْحِزْبُ إِرْسَالَ دِيدُوشْ مراد إِلَى فَرَنْسَا رُفْقَةً بُوضِيَافْ ،
فَطَلَبَ مِنْ صَدِيقِهِ قَاسِي عَبْدَ اَللَّهْ عَبْدَ اَلرَّحْمَنْ أَنْ يُزَوِّدَهُ بِشَهَادَةِ اَلْمِيلَادِ لِلْحُصُولِ عَلَى وَثَائِقَ شَخْصِيَّةٍ بِاسْمٍ مُسْتَعَارٍ ، فَكَانَ قَاسِي عَبْدَ اَللَّهْ عَبْدَ اَلرَّحْمَنْ هُوَ اِسْمُهُ اَلْجَدِيدُ ،
وَغَادَرَ إِلَى فَرَنْسَا اَلَّتِي مَكَثَ بِهَا إِلَى عَامِ 1954 ،
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَرْضِ اَلْوَطَنِ أَشْهُرًا قَلِيلَةً قَبْلَ اِنْدِلَاعِ اَلثَّوْرَةِ لِيُسَاهِمَ فِي إِنْشَاءِ اَللَّجْنَةِ اَلثَّوْرِيَّةِ لِلْوَحْدَةِ وَالْعَمَلِ ،
وَيُعَيِّنَ فِي أُكْتُوبَرَ مِنْ نَفْسِ اَلسَّنَةِ مَسْئُولاً عَلَى مِنْطَقَةِ قسنطينة لِلْإِشْرَافِ عَلَى تَفْجِيرَاتِ اَلثَّوْرَةِ بِالْوِلَايَةِ اَلثَّانِيَةِ ،
وَلِيَعْرِفَ هُنَاكَ بِاسْمٍ « اَلسِّيْ عَبْدَ اَلْقَادِرْ » .
كَانَ دِيدُوشْ أَصْغَرَ اَلسِّتَّةِ اَلْمُفَجِّرِينَ لِلثَّوْرَةِ : بْنْ بُولْعِيدْ ، بْنْ مَهِيدِيّ ، بُوضِيَافْ ، كَرِيمْ بِلْقَاسِمْ ، بِيطَاطْ وَدِيدُوشْ ، وَأَكْثَرُهُمْ اِنْفِعَالاً ،
وَأَحْرَصُهُمْ عَلَى تَلْطِيفِ اَلْجَوِّ بِالنُّكَتِ وَالضَّحِكِ اَلْمُشَوِّقِ .
وَإِثْرَ عَوْدَتِهِ إِلَى اَلْعَاصِمَةِ قَامَ رُفْقَةَ أَصْدِقَائِهِ بِإِنْشَاءِ اَللَّجْنَةِ اَلثَّوْرِيَّةِ لِلْوَحْدَةِ وَالْعَمَلِ كَمَا شَارَكَ فِي اِجْتِمَاعِ ” 22 ” اَلْمُنْعَقِدُ فِي جُوَانْ 1954
اَلَّذِي تَقَرَّرَ فِيهِ اِنْطِلَاقُ اَلثَّوْرَةِ وَهُوَ اَلِاجْتِمَاعُ اَلَّذِي اِنْبَثَقَ عَنْهُ أَوَّلُ مَجْلِسٍ لِلثَّوْرَةِ مِنْ 5 أَعْضَاءٍ كَانَ دِيدُوشْ أَحَدَ أَعْضَائِهِ ( مَسْؤُولاً لِلنَّاحِيَةِ اَلثَّانِيَةِ ) ،
وَكَانَ دِيدُوشْ مِنْ أَبْرَزِ مُحَرِّرِي بَيَانِ أَوَّلِ نُوفَمْبِرَ 1954
وَفَاتُهُ
كَانَ دِيدُوشْ مِنْ اَلْأَوَائِلِ اَلَّذِينَ سَقَطُوا فِي حَرْبِ اَلتَّحْرِيرِ ، وَذَلِكَ يَوْمُ 18 يَنَايِرَ 1955 بَعْد مَعْرَكَةِ قُرْبَ بُوكَرْكَرْ خَاضَهَا رُفْقَةَ 17 مُجَاهِدًا يَرْأَسُهُمْ بِنَفْسِهِ ،
وَبِمُسَاعَدَةِ زِيغُودْ يُوسُفْ اَلَّذِي سَلَّمَهُ دِيدُوشْ كُلَّ اَلْوَثَائِقِ وَأَمَرَهُ بِالِانْصِرَافِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَشْهِدَ وَتُصَدِّقُ مَقُولَتُهُ ،
وَيُبَرْهِنَ لِلْجَمِيعِ أَنَّهُ عَاشَ بِحَقٍّ مِنْ أَجْلِ اَلْجَزَائِرِ وَمَاتَ مِنْ أَجْلِهَا ، وَلَمْ يَحْمِلْ فِي قَلْبِهِ غَيْرُ حُبِّهَا وَحُبُّ أَبْنَائِهَا اَلْمُخْلِصِينَ لَهَا .
وَفِي اَلْخَامِسَةِ مَسَاءَ اِنْتَهَتْ اَلْمَعْرَكَةُ بِاسْتِشْهَادِ سَبْعَةِ مُجَاهِدِينَ ، أَمَّا حَصِيلَةُ اَلْجَيْشِ اَلْفَرَنْسِيِّ فَقَدْ كَانَتْ ثَقِيلَةً ،
حَيْثُ قُتِلَ 80 وَجُرِحَ 02 وَأَسْرٌ وَاحِدٌ .
طالع ايضا خطر التلفاز على الاطفال